الغزل في العصر الجاهلي
تربع الغزل على عرش الشعر في
العصر الجاهلي وتكاد لا تخلو قصيدة من الغزل حتى وإن لم يكن هو الغرض الاساس فيها فلا بد للشاعر ان يذكر الغزل في قصيدته، واقتصرت اغلب القصائد الغزلية على وصف الجمال الخارجي للمرأة كجمال الوجه والجسم وكانو يتفننون بوصف هذا الجمال لكنهم قلما تطرقوا إلى وصف ماترك هذا الجمال من اثر في عواطفهم ونفوسهم ويمكن تصنيف الغزل في هذا العصر إلى خطين :
أولهما الغزل الفاحش وزعيمه
امرؤ القيس ونجد ذلك واضحاً في
معلقته بمغامراته الليليه مع النساء وايضا يتجسد ذلك في أحد قصائده :
سموت إليها بعد ما نام أهلها
سمو حباب الماء حالا على حال
فقالت سباك الله إنك فاضحي
ألست ترى السمار والناس أحوال
فقلت يمين الله أبرح قاعدا
ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
حلفت لها بالله حلفة فاجر
لناموا فما إن من حديث ولا صال
فلما تنازعنا الحديث وأسمحت
هصرت بغصن ذي شماريخ ميال
وصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا
ورضت فذلت صعبة أي إذلال
فأصبحت معشوقا وأصبح بعلها
عليه القتام سيء الظن والبال
يغط غطيط البكر شد خناقه
ليقتلني والمرء ليس بقتال
أيقتلني والمشرفي مضاجعي
ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وليس بذي رمح فيطعنني به
وليس بذي سيف وليس بنبال
أيقتلني وقد شغفت فؤادها
كما شغف المهنوءة الرجل الطالي
وقد علمت سلمى وإن كان بعلها
بأن الفتى يهذي وليس بفعال
وماذا عليه أن ذكرت أوانسا
كغزلان رمل في محاريب أقيال
وثانيهما الحس العفيف الذي سطع نجمه لا حقاً في
العصر الأموي وكانت نواته في الجاهلية وزعمائه كثر وقد اقترنت أسمائهم بأسماء محبوباتهم أمثال
عنتر وعبلة و عروة بن حزام وعفراء.
و عموماً لما كثرت حياة الترحال عند
البدو في الجاهلية، صار الشعراء يقفون على أطلال حبيباتهم ويبكونها. فصارت القصيدة العربية في الجاهلية لا تخلو من مقدمة طللية يذكر فيها الشاعر حبيبته ويتغزل بها.
[عدل] الغزل في عصر صدر الأسلامهذب
الإسلام الغزل في هذا العصر فجاء الغزل في هذا العصر أكثر تعففاً لكن بالرغم من هذا ضلت طائفة من الشعراء تعاقر الخمر في اشعارها وتشبب بالنساء و تتغزل بهن غزلاً فاحشا امثال
ابي محجن الثقفي، لكن عموم الشعراء اتسم شعرهم بالغزل العفيف الذي لم يقف الإسلام بوجهه والدليل على ذلك ان
كعب بن زهير عندما مدح الرسول
محمد بدأ قصيدته الشهيرة بالغزل ومنها:
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ
مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ
وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا
إِلا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ
هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً
لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ
تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت
كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُ
شُجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ
صافٍ بِأَبطَحَ أَضحى وَهُوَ مَشمولُ
تَجلو الرِياحُ القَذى عَنُه وَأَفرَطَهُ
مِن صَوبِ سارِيَةٍ بيضٍ يَعاليلُ
[] الغزل في العصر العباسيشهد
العصر العباسي ازدهار في شتى مجالات العلوم ومنها الشعر بكل اغراضه لكن في الغزل قد خفت صوت المدرسة العذرية وكثر الغزل الفاحش ولعل الخطر في هذا ظهور نوع من الغزل يعد أكثر الانواع انحطاطاً وهو الغزل الغلماني، ولكن بالرغم من ذلك ظل الشعراء يتركون هذا النوع في قصائدهم الرسمية وهناك ايضا شعراء يحافظون على قدر كبير من الغزل العفيف ومن سمات الغزل في هذا العصر الاخرى تليين اللغة والابتعاد عن ايراد الغريب من الالفاظ ومن أهم شعراء الغزل في هذا العصر
أبو نؤاس و
بشار بن برد و
أبو فراس الحمداني و
أبو تمام و الكثيرين غيرهم. وكمثال على الغزل العفيف قول أبو تمام:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب الا للحبيب الاولِ
كم منزل في الارض يألفه الفتى
وحنينه ابداٍ لأول منزلِ
[ الغزل في العصر الأندلسيأُذكية جذوة الغزل في هذا العصر وازدهر الغزل ومن اسباب ذلك جمال الطبيعة التي وصفها
ابن خفاجة:
يا اهل اندلس لله دركم
ما وظل وأنهار وأشجارُ
ما جنة الخلد الا في دياركم
فلو تخيرتها كنت أختارُ
و ظهرت في هذا العصر
الموشحات و من خصائص هذا النوع اتباع الشعراء في الاندلس نهج المشرقيين في كثير من القصائد فعرفو الغزل التقليدي و الوقوف على الاطلال والغزل الفاحش والعفيف ومن مزايا الغزل في هذا العصر:
ازداد الغزل الغلماني وانحطاط الالفاظ.
ومن أشهر الشعراء ابن خفاجة و
ابن زيدون واشهر قصيدة له هي اضحى التنائي او نونية ابن زيدون يحن إلى ايامه مع محبوبته
ولادة بنت المستكفي و منها :
أضْحَى التّنائي بَديلاً عنْ تَدانِينَا،
وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا
ألاّ وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا
حَيْنٌ، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا
مَنْ مبلغُ الملبسِينا، بانتزاحِهمُ،
حُزْناً، معَ الدهرِ لا يبلى ويُبْلينَا
أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا
أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا
غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينا الهوَى فدعَوْا
بِأنْ نَغَصَّ، فَقالَ الدهر آمينَا
فَانحَلّ ما كانَ مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا؛
وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولاً بأيْدِينَا
وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا،
فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا
يا ليتَ شعرِي، ولم نُعتِبْ أعاديَكم،
هَلْ نَالَ حَظّاً منَ العُتبَى أعادينَا
لم نعتقدْ بعدكمْ إلاّ الوفاء لكُمْ
رَأياً، ولَمْ نَتَقلّدْ غَيرَهُ دِينَا
ما حقّنا أن تُقِرّوا عينَ ذي حَسَدٍ
بِنا، ولا أن تَسُرّوا كاشِحاً فِينَا
كُنّا نرَى اليَأسَ تُسْلِينا عَوَارِضُه،
وَقَدْ يَئِسْنَا فَمَا لليأسِ يُغْرِينَا
بِنْتُم وَبِنّا، فَما ابتَلّتْ جَوَانِحُنَا
شَوْقاً إلَيكُمْ، وَلا جَفّتْ مآقِينَا
نَكادُ، حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمائرُنا،
يَقضي علَينا الأسَى لَوْلا تأسّينَا
حَالَتْ لِفقدِكُمُ أيّامُنا، فغَدَتْ
سُوداً، وكانتْ بكُمْ بِيضاً لَيَالِينَا